الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **
{خظا} *في حديث سَجَاح امرأة مسيلمة <خَاظِي البَضِيع> يقال خَظَا لحمُه يَخْظُو أي اكتَنَز. ويقال لحمه خَظًا بَظًا: أي مُكْتَنِز، وهو فَعَلٌ، والبَضِيع: اللحم. {خفت} [ه] في حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه <مَثَل المُؤْمن كمَثَل خَافت الزرع يَميل مرّة ويَعْتَدل أُخْرى> وفي رواية <كمَثَل خافت الزرع> الخَافِت: والخَافِتَةُ مَا لاَنَ وَضَعُف من الزرع الغَضّ، ولحُوق الهاء على تأويل السُّنْبُلة. ومنه خَفَت الصَّوت إذا ضَعُفَ وسكَن. يعني أن المُؤْمِنَ مُرَزَّأٌ في نَفْسه وأهله وماله، مَمْنُوٌّ بالأحداث في أمر دُنْياه. ويُروى كَمَثل خَامَة الزَّرع. وستجيء في بابها. [ه] ومنه الحديث <نَوم المُؤْمن سُبات، وسمعُه خُفَات> أي ضَعِيفٌ لا حِسَّ له. ومنه حديث معاوية وعمرو بن مسعود <سَمْعُه خُفَات، وفَهْمُه تَارَاتٌ> . ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها قالت <رُبَّما خَفَت النبي صلى اللّه عليه وسلم بقراءته، ورُبَّما جَهَر> . وحديثها الآخر <أُنْزلَت <وَلاَتَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهاَ> في الدُّعاء> وقيل في القِراءة. والخَفْتُ ضِدّ الجَهْر. وفي حديثها الآخر <نَظَرَت إلى رجُل كَادَ يَموت تَخافُتاً، فقالت ما لهذا؟ فقيل إنه من القُرَّاء> التَّخَافُت:تَكَلُّف الخُفُوت، وهو الضَّعف والسُّكونُ وإظْهارُه من غير صحَّة. ومنه حديث صلاة الجنازة <كان يقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب مُخَافَتَةً> هو مُفَاعَلة منه. {خفج} *في حديث عبد اللّه بن عَمْرو <فإذا هو يَرى التُّيُوسَ تَنِبُّ على الغنم خَافِجَةً> الخَفَجُ: السِّفَادُ. وقد يُسْتعمل في النَّاس. ويَحْتمل أن يكون بتقديم الجيم على الخَاء، وهو أيضاً ضرْب من المُباضَعَة. {خفر} (ه) فيه <من صلى الغَدَاة فإنه في ذِمَّة اللّه فلا تُخْفِرُنَّ اللّه في ذِمَّتِه> خَفَرْت الرجُل: أجَرْته وحَفِظْته. وخَفَرْته إذا كُنت اه خَفِيراً، أي حَامِياً وكفِيلاً. وتَخَفَّرت به إذا اسْتَجَرت به. والخُفَارة - بالكسر والضم -: الذّمام. وأخْفَرْت الرجل، إذا نَقَضْتَ عهده وذِمامه. والهمزة فيه لِلإزَالة: أي أزلت خِفَارته، كأشْكَيته إذا أزلْتَ شِكَايَته، وهو المراد في الحديث. ومنه حديث أبي بكر <من ظلم أحَداً من المسلمين فَقَد أخْفَر اللّه> وفي رواية <ذمَّة اللّه> . (ه) وحديثه الآخر <من صلى الصبح فهو في خُفْرة اللّه> أي في ذمته. (س) وفي بعض الحديث <الدُّموع خُفَرُ العُيون> الخُفَرُ: جمع خُفْرة، وهي الذّمّة: أي أنّ الدُّموع التي تّجْري خوفا من اللّه تُجير العُيون من النار، لقوله عليه الصلاة والسلام <عَيْنان لا تَمَسُّهُما النَّارُ: عينٌ بكَت من خَشْية اللّه تعالى> . (س) وفي حديث لقمان بن عاد <حَيِيٌّ خَفِرٌ> أي كثير الحَياءِ. والخَفَر بالفتح: الحياء. (س) ومنه حديث أم سلمة لعائشة <غَضُّ الأطْراف وخَفَر الإعْراض> أي الحياء من كل ما يُكْره لهنّ أن ينظرْنَ إليه، فأضافت الخَفَر إلى الإِعْرَاض: أي الذي تَسْتَعمله لأجل الإعْرَاض. ويروى الأعراض بالفتح: جمع العِرْض: أي إنهنّ يسْتَحْيِين ويَتَستَّرن لأجل أعْرَاضِهِن وصَوْنها. {خفش} (س) في حديث عائشة <كأنهم مِعْزًى مَطِيرَة في خَفْشٍ> قال الخطَّابي: إنَّما هو الخَفَش، مَصْدَر خَفِشَت عَينُه خَفشاً إذا قَلَّ بَصرُها، وهو فسادٌ في العين يَضْعفُ منه نورُها، وتَغْمَصُ دائما من غير وَجَع: تَعْني أنهم في عَمًى وحَيْرَة، أو في ظُلْمة ليل. وَضَرَبَت المِعْزَى مَثَلاً لأنها من أضْعف الغَنَم في المطر والبرْد. ومنه كتاب عبد الملك إلى الحجاج <قاتلك اللّه أخَيْفِش العَينَين> هو تصغير الأخْفَش. وقد تكرر في الحديث. {خفض}*في أسماء اللّه تعالى <الخَافِض> هو الذي يَخْفِضُ الجبَّارِين والفَرَاعِنة: أي يَضَعُهُم ويُهِينُهم، ويَخْفِض كلَّ شيء يريد خَفْضَه. والخَفْضُ ضِدُّ الرَّفع. ومنه الحديث <إن اللّه يَخْفِض القِسط ويَرْفُعه> القِسْط: العَدْل يُنْزِله إلى الأرض مرَّة ويرفعه أخْرَى. ومنه حديث الدَّجّال <فرفّع فيه وخَفّض> أي عظَّم فِتْنَته ورفَعَ قدْرَها، ثم وهَّن أمْرَه وقدْرَه وَهَوَّنَه. وقيل: أراد أنه رفَع صوتَه وخَفَضه في اقْتِصاص أمْره. ومنه حديث وفْدِ تَمِيم <فلما دَخَلوا المَدينة بهَشَ إليهم النِّسَاء والصّبْيانُ يَبْكُون في وجوههم فأخْفَضَهم ذلك> أي وَضَع منهم. قال أبو موسى: أظُنُّ الصَّواب بالحاء المهملة والظاء المعجمة: أي أغْضبهم. وفي حديث الإفْكِ <ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُخَفِّضُهُمْ> أي يُسكِّنهم ويُهَوِّن عليهم الأمر، مِن الخَفْض: الدَّعة والسُّكون. (س) ومنه حديث أبي بكر <قال لعائشة في شأن الإفكِ: <خَفِّضي عليكِ> أي هَوِّني الأمْرَ عليكِ ولا تَحْزَني له. (ه) وفي حديث أم عطية <إذا خفَضْتِ فأشِمِّي> الخَفْض للنساء كالخِتَان للرِّجال. وقد يقال للخاتن خافِضٌ، وليس بالكثير. {خفف}*فيه <إنّ بين أيْدينا عقَبةً كَؤُوداً لا يجُوزها إلا المخفُّ> يقال أخَفَّ الرجل فهو مُخِفٌّ وخِفٌّ وخَفِيف، إذا خَفَّت حاله ودابَّته، وإذا كان قليل الثَّقَل، يريد به المخفَّ من الذُّنوب وأسباب الدّنيا وعُلَقها. [ه] ومنه الحديث الآخر <نجا المخِفُّون> . (ه) ومنه حديث علي، لمَّا اسْتَخْلفه النبيّ صلى اللّه عليه وسلم في غَزْوة تَبُوك، قال <يا رسول اللّه يزعُم المُنَافِقُون أنك اسْتَثْقَلْتَنى وتَخَفَّفْتَ منِّي> أي طَلَبْتَ الخفّة بترك اسْتِصْحابي معك. (س) وفي حديث ابن مسعود <أنه كان خَفيف ذَاتِ اليَدِ> أي فَقِيراً قليل المال والحَظّ من الدنيا. ويُجمع الخفِيفُ على أخْفَافٍ. (س) ومنه الحديث <خَرج شُبَّان أصحابه وأَخْفَافُهم حُسَّرا> وهُم الذين لا مَتَاع معهم ولا سِلاح. ويروى خِفَافهم وأخِفَّاؤُهم، وهما جمعُ خَفيف أيضاً. وفي حديث خُطْبَته في مَرَضه <أيّها الناس إنه قدْ دنا منّى خُفُوف من بين أظهرُكم> أي حَركةٌ وقُرب ارْتحاَل. يُريد الإنذار بموته صلى اللّه عليه وسلم. (س) ومنه حديث ابن عُمَر <قد كان مني خُفوفٌ> أي عجلة وسُرعةُ سَيْر. (س) ومنه الحديث <لما ذُكِر له قَتْل أبي جَهْلٍ استَخَفَّه الفَرَح> أي تَحرّك لذلك وخَفَّ. وأصله السُّرعة. [ه] ومنه قول عبد الملك لبَعْض جلسائه <لا تَغْتَابَنَّ عِندي الرَّعيّةَ فإنه لا يُخِفُّني> أي لا يَحمِلني على الخفَّة فأغْضَبَ لذلك. وفيه <كان إذا بَعَث الخُرَّاصَ قال خَفِّفُوا الخَرْصَ، فإن في المال العَرِيَّةَ والوصية> أي لا تَسْتَقْصُوا عليهم فيه، فإنهم يُطْعِمُون منها ويُوصُون. (ه) وفي حديث عطاء <خَفّفوا على الأرض> وفي رواية <خِفُّوا> أي لا تُرْسِلوا أَنْفُسَكُم في السُّجود إرْسَالا ثَقِيلاً فَيُؤَثِّرَ في جِبَاهكم. (ه) ومنه حديث مجاهد <إذا سَجَدْتَ فَتَخافَّ> أي ضَعْ جَبْهتك على الأرض وضْعاً خَفيفاً. ويُروى بالجيم، وقد تقدم. (ه) وفيه <لا سَبْقَ إلا في خُفّ أو نَصْل أو حَافِر> أراد بالخُفّ الإبلَ، ولابُدَّ من حذف مُضافٍ: أي في ذي خُفّ وذي نَصْل وذي حَافر. والخُفُّ للبعير كالحافر للفَرس. ومنه الحديث الآخر <نَهى عن حَمْيِ الأرَاك إلاَّ ما لم تَنَلْه أخْفَافُ الإبل> أي ما لم تَبْلُغه أفواهُها بمَشْيها إليه. قال الأصمعيُّ: الخُفُّ: الجمل المُسِن، وجمعه أخْفاف: أي ما قرب من المَرْعَى لا يُحْمَى، بل يُتْرَك لمَسَانّ الإبل وما في معناها من الضِّعاف التي لا تَقْوَى على الإمْعان في طلب المَرْعَى. وفي حديث المغيرة <غليظة الخُفّ> اسْتَعار خُفّ البعير لقَدَم الإنسان مجازا. {خفق} (ه) فيه <أيُّما سَرِيّةٍ غَزَت فأخْفَقت كان لها أجْرُها مَرَّتَين> الإخْفاقُ: أن يَغْزُوَ فلا يَغْنَم شيئاً، وكذلك كلُّ طالب حاجة إذا لم تُقْضَ له. وأصله من الخَفْق: التحرُّكِ: أي صادَفَت الغنيمةَ خافِقةً غير ثابتةٍ مُسْتَقِرة. (ه) وفي حديث جابر <يخرج الدّجال في خَفْقة من الدّين وإدْبار من العلم> أي في حالِ ضَعْف من الدّين وقِلَّةِ أهله، من خَفَقَ الليل إذا ذَهَب أَكْثَره، أو خَفَقَ إذا اضْطَرَب، أو خَفَقَ إذا نَعَس. هكذا ذكره الهروي عن جابر. وذكره الخَطّابي عن حُذَيفة بن أسيْدٍ وفي حديث مُنكر ونَكير <إِنَّهُ لَيَسْمَع خَفْقَ نِعالِهم حين يُوَلّون عنه> يعني المَيّت: أي يَسْمع صوتَ نِعالِهم على الأرض إذا مَشَوْا. وقد تكرر في الحديث. ومنه حديث عمر <فَضَرَبَهما بالمِخْفَقَة ضَرَباَتٍ وفَرَّق بينهما> المِخْفَقَةُ: الدِّرَّة. (ه) وفي حديث عُبيدة السَّلْماني <سُئل ما يُوجب الغُسْل؟ قال: الخَفْق والخِلاط> الخَفْق: تَغْييبُ القَضِيب في الفَرْج، من خَفَقَ النجمُ وأخْفَق إذا انحَطَّ في المَغْرب. وقيل: هو من الخَفْق: الضَّرب. (ه) وفيه <مَنْكِبَا إسرافِيلَ يَحُكَّان الخافِقَيْنِ> هما طَرَفَا السماء والأرض. وقيل المَغْرب والمشرق. وخَوافِق السماء: الجِهاتُ التي تَخْرُج منها الرِّياح الأربع. {خفا} (ه) فيه <أنه سَأَلّ عن البَرْق فقال: أخَفْوًا أم وَمِيضاً> خَفا البَرْق يَخْفو ويَخْفِي خَفْوًا وخَفْيا إذا بَرَق بَرْقاً ضعيفاً. (ه) وفيه <ما لم تَصْطَبِحوا أو تَغْتَبِقُوا، أو تَخْتَفُوا بَقْلاً> أي تُظْهِرُونه. يقال اخْتَفَيْتُ الشيء إذا أظهرتَه (في الدر النثير <عبارة ابن الجوزي في قولك اختفيت الشيء أي استخرجته> . ومثله في اللسان ) ، وأخْفَيتُه إذا ستَرْتَه. ويروى بالجيم والحاء، وقد تقدم. ومنه الحديث <أنه كان يُخْفِي صَوْته بآمين> رواه بعضهم بفتح الياء من خَفَي يَخْفِي إذا أظْهَرَ، كقوله تعالى <إنّ الساعةَ آتِيةٌ إكاد أَخْفِيها> في إحدى القراءتين. (ه) وفيه <إن الحَزاءة تَشْتَريها أكايسُ النساء للخافية والإقْلات> الخافية: الجنّ، سُمُّوا بذلك لاسْتِتارهم عن الأبصار. (ه) ومنه الحديث <لا تُحْدِثوا في القَرَع فإِنه مُصَلَّى الخافِين> أي الجنّ. والقَرَع بالتحريك: قِطَعٌ من الأرض بين الكَلأ لا نَبات فيها. (س) وفيه <أنه لَمنَ المُخْتَفي والمُخْتَفِيةَ> المُخْتَفي: النَّبّاش عند أهل الحِجاز، وهو من الاخْتفاء: الاستخراج، أو من الاسْتِتار؛ لأنه يَسْرِقُ في خُفْية. (س) ومنه الحديث الآخر <من اخْتفى ميّتاً فكأنما قَتَله> . (س) وحديث علي بن رَباح <السُّنَّة أن تُقْطَع اليَدُ المُسْتَخْفِيةُ ولا تُقْطَع اليَدُ المُسْتَعْلية> يريد بالمُسْتَخْفِيةِ يد السارق والنبّاش، وبالمُسْتَعْلية يدَ الغاصب والناهب ومَن في معناهما. (س) وفي حديث أبي ذَرٍّ <سَقَطْتُ كأني خِفَاء> الخفاء: الكِساء، وكل شيء غَطَّيت به شيئاً فهو خِفاء. وفيه <إنّ اللّه يُحِبُّ العبد التَّقيَّ الغّنيَّ الخفيَّ> هو المُعْتَزِلُ عن الناس الذي يَخْفَى عليهم مكانه. ومنه حديث الهجرة <أَخْفِ عنَّا> أي استُر الخَبر لِمَنْ سألك عنَّا. (س) ومنه الحديث <خير الذِّكر الخَفيُّ> أي ما أخْفاه الذاكِر وسَتَره عن الناس .قال الحَرْبي: والذي عندي أنه الشُّهرة وانْتِشارُ خبر الرجُل؛ لأن سعد بن أبي وقَّاص أجاب ابنَه عُمر على ما أرادَه عليه ودَعاه إليه من الظُّهور وطَلَب الخلافةِ بهذا الحديث. (س) وفيه <إنَّ مدينةَ قَوم لُوطٍ حَمَلها جبريل عليه السلام على خَوَافِي جَناحه> هي الريشُ الصِّغار التي في جَناح الطائر، ضِدُّ القَوادم، واحداتُها خافية. (س) ومنه حديث أبي سفيان <ومعي خَنْجَرٌ مِثلُ خافية النَّسر> يُريد أنه صغير. {خقق} (ه) فيه <فَوَقَصَت به ناقتُه في أخاقيقِ جُرْذان فماتَ> الأخاقيق: شُقوق في الأرض كالأخادِيد، واحدُها أُخْفُوق. يقال خَقَّ في الأرض وخَدّ بمعنى. وقيل إنما هي لخَاقِيقُ، واحدها لُخْقُوق، وصحَّحَ الأزهري الأوّل وأثْبتَه. (ه) وفي حديث عبد الملك <كتَب إلى الحجَّاج: أما بعدُ فلا تَدَعْ خَقًّا من الأرض ولا لَقًّا إلاَّ زَرَعْتَه> الخَقُّ: الجُحْرُ، واللَّقُّ بالفتح: الصَّدْع. {خلأ} (ه) في حديث الحديبية <أنه بركَت به راحِلَتُه فقالوا خَلأتِ القَصْواء، فقال ما خَلَأت القَصْواء، وما ذاك لها بخُلُق، ولكن حبَسَها حابِسُ الفِيل> الخِلاء للنُّوق كالإِلْحاح للجمال، والحِران للدّوابّ. يقال: خَلأتِ الناقة، وأَلَحّ الجمل، وحَرَنَ الفَرس. (ه) وفي حديث أمّ زرع <كنتُ لك كأبي زَرْع لأم زرع في الأُلْفة والرِّفاءِ، لا في الفُرْقة والخِلاء> الخلاء بالكسر والمد: المباعَدة والمُجانبة. {خلب} (ه) فيه <أتاه رجل وهو يَخْطُب، فنزل إليه وقعد على كُرسي خُلْبٍ قوائمه من حديد> الخُلْب: اللِّيف، واحدتُه خُلْبة. ومنه الحديث <وأمّا موسى فَجَعْدٌ آدَمُ على جمل أحْمَر مَخْطوم بخُلْبة> وقد يُسَمَّى الحَبل نفسُه خُلْبة. ومنه الحديث <بليفٍ خُلْبه> على البَدَل. وفيه <أنه كان له وساده حَشْوُها خُلْب> . وفي حديث الاستسقاء <اللهم سُقْيا غَيْرَ خُلَّب بَرْقها> أي خالٍ عن المَطر. الخُلَّب: السَّحاب يُومِض بَرْقُه حتى يَرْجى مَطَرُه، ثم يُخْلِف ويُقْلِع ويَنْقَشع، وكأنه من الخِلابة وهي الخِداع بالقول اللطيف. (س) ومنه حديث ابن عباس <كان أسْرَع من بَرْق الخُلَّب> إنما خَصَّه بالسُّرعة لخفَّتِه بخُلُوّه من المطر. (ه) ومنه الحديث <إذا بِعْتَ فقُلْ لا خِلابةَ> أي لاخِداع. وجاء في رواية <فقل لا خيابة> بالياء، وكأنها لُثْغَة من الروى أبْدَل اللام ياء. ومنه الحديث <إنّ بَيْع المُحَفَّلات خِلابةٌ، ولا تحلَّ خِلابةُ مسلم> والمُحَفَّلات: التي جُمِع لبنها في ضَرْعها. (ه) ومنه الحديث (هو في الهروي واللسان والتاج مثل. قال في اللسان: <ويروى فأخلب بالكسر. ومعناه على الضم: اخدع. وعلى الكسر: انتش قليلا شيئا يسيرا بعد شيء، كأنه أخذ من مخلب الجارحة> ) <إذا لم تْغلِب فاخْلُبْ> أي إذا أعياك الأمر مُغالبةً فاطْلُبْه مخادعة. ومنه الحديث <إنْ كان خَلَبَها> . (ه) وفي حديث طَهْفة <ونَسْتَخْلِب الخَبير> أي نَحْصُده ونَقْطَعُه بالمخلَب، وهو المِنْجَل، والخبير: النَّبات. (س) وفي حديث ابن عباس وقد حاجَّه عمر في قوله تعالى <تَغْرُبُ في عينٍ حَمِئةٍ> فقال عُمر: حامِية، فأنشد ابن عباس لتُبَّع: فَرأى مَغَار الشَّمسْ عِنْد غُروبِها ** في عَيْن ذي خُلُب وثَأطٍ حَرْمَد الخُلب: الطّين اللّزجُ والحَمْأة. {خلج} (ه) فيه <أنه صَلَّى صلاة فجهر فيها بالقرَاءة وجَهَر خَلْفَه قارِىء، فقال: لقد ظَنَنْتُ أنّ بَعْضهم خالَجنيها> أي نازعنيها. وأصل الخَلْج: الجذب والنَّزْع. (ه) ومنه الحديث <ليَرِدَنّ عَلَيَّ الحَوْضَ أقْوام ثم لَيُخْتَلَجُنَّ دُوني> أي يُجْتَذبُون ويُقْتَطعُون. (ه) ومنه الحديث <يختلجونه على باب الجنة> أي يَجْتَذِبُونه. ومنه حديث عمار وأمّ سلمة <فاخْتلجها من جُحْرها> . ومنه حديث علي رضي اللّه عنه في ذكر الحياة <إن اللّه تعالى جَعل الموت خَالِجاً لأشْطَانِها> أي مُسرِعاً في أخْذِ حِبالها. وحديثه الآخر <تَنَكَّب المَخالِجَ عَنْ وَضَح السَّبيل> أي الطُّرق المُتَشَعِّبةَ عن الطَّريق الأعْظم الوَاضِح. وحديث المغيرة <حتى تَرَوْه يَخْلِج في قومه أو يَحْلِج> أي يُسْرع في حَبّهم. يروى بالخاء والحاء. وقد تقدَم. (ه) ومنه الحديث <فحنَّتِ الخَشَبة حَنِين النَّاقة الخَلْوج> هي التي اخْتُلج ولدُها: أي انْتزِع منها. (ه) ومنه حديث أبي مِجْلَز <إذا كان الرجُل مُخْتَلِجاً فسَرَّك أن لا تكْذِب فانْسُبْه إلى أمِّه> : يقال رجل مختَلِج إذا نُوزع في نَسَبه، كأنه جُذب منهم وانْتُزِع. وقوله فانْسُبْه إلى أمِّه يُريد إلى رَهْطها وعشِيرتها، لاَ إليها نَفْسها. وفي حديث عَدي قال له عليه الصلاة والسلام <لا يَخْتَلِجنّ في صدرك طَعَام> أي لا يَتَحرّك فيه شيء من الرِّيبة والشّك. ويُروى بالحاء، وقد تقدّم. وأصْل الاخْتلاج: الحرَكة والاضْطراب. وفي حديث عائشة، وسُئِلَت عن اَحْم الصَّيد للمحْرم فقالت: <إن تَخَلَّج في نفسي شيء فدَعْه> . (س) ومنه الحديث <ما اخْتَلج عرْق إلاّ ويُكَفّر اللّه به> . (س) وفي حديث عبد الرحمن بن أبي بكر <إنّ الْحَكَم بن أبي العاص بن أمَيَّة أباَ مروان كان يَجْلس خلف النبي صلى اللّه عليه وسلم، فإذا تكلَّم اخْتَلَج بوَجْه، فرآه فقال له: كُنْ كذلك، فلم يزل يختلج حتى مات> أي كان يُحَرّك شفَتَيه وذَقَنَه اسْتهزاءً وحِكايةً لفعْل النبي صلى اللّه عليه وسلم، فَبقِيَ يَرْتَعِد ويَضْطَرِب إلى أن مات. وفي رواية <فضُرِب به شَهْرَين، ثم أفاق خَلِيجاً> أي صُرِع ثم أفاق مُخْتَلِجاً قد أُخذ لَحْمُه وقُوّتُه. وقيل مُرْتَعِشاً. (ه) وفي حديث شُرَيح <إنّ نِسْوة شَهدْن عنده على صَبيٍّ وقَع حيًّا يَتَخَلَّجُ> أي يَتَحَرّك. (ه) وحديث الحسن <أنه رأى رجلا يمشي مِشْيَةً أنْكَرَها، فقال: تَخَلَّجَ في مشْيَته خَلَجانَ المجْنُون> الخلجَان بالتَّحريك: مصدر، كالنَّزَوان. (س) وفي بعض الحديث <إنّ فلانا ساق خَلِيجاً> الخلِيج: نَهْر يُقْتَطَع من النَّهر الأعْظَم إلى موضع يُنْتَفَعُ به فيه. {خلد} * في حديث عليّ يَذُمّ الدُّنيا <مَن دَانَ لهَا وأخْلَد إليها> أي رَكَن إليها ولَزمها. ومنه قوله تعالى <ولكنَّه أخْلَد إلى الأرض واتَّبَع هَواه> . {خلس} (س) فيه <أنه نَهى عن الخليسة> وهي ما يُسْتَخْلَص من السَّبُع فيموت قبل أن يُذكَّى، منْ خَلَسْت الشيء واخْتَلَسْتُه إذا سَلَبْتُه، وهي فَعيلة بمعنى مفعولة. ومنه الحديث <ليس في النُّهْبة ولا في الخليسة قَطْعٌ> وفي رواية <ولا في الخُلْسَة> أي مايؤخذ سَلْبا ومُكابَرة. ومنه حديث عليّ <بادِرُوا بالأعمال مَرَضاً حابِساً أو مَوْتاً خَالِساً> أي يَخْتَلِسُكم على غَفْلة. (ه) وفيه <سرْ حَتَّى تأتي فَتَياتٍ قُعْساً ورجالا طُلْساً، ونِسَاءً خُلْساً> الخُلْسُ: السُّمْر، ومنه <صَبيٌّ خِلاَسِيٌّ> ، إذا كان بين أبْيَض وأسْوَد (كذا في الأصل و ا، ولو قال: <...إذا كان بين أبوين أبيض وأسود> - كما عبر القاموس - لكان أبين. وعبارة اللسان: الخلاسي: الولد بين أبيض وسوداء، أو بين أسود وبيضاء> ) يقال خَلَسَتْ لِحْيَتُه إذا شَمِطَتْ. {خلص}*فيه <قل هو اللّه أحد هي سورة الإخلاص> سُمِّيت به لأنها خاصة في صِفة اللّه تعالى خاصَّة، أو لأنّ الَّلافظ بها قد أخْلَص التَّوحيد للّه تعالى. وفيه <أنه ذَكر يوم الخَلاَص، قالوا يا رسول اللّه ما يَوْمُ الخَلاَص؟ قال يَوْم يَخْرُج إلى الدَّجَّال من المدينة كل مُنافق ومُنافقة، فيتمَيَّز المؤمنون منهم ويَخْلُص بَعْضُهم من بعض> . وفي حديث الاستسقاء <فَلْيَخْلُصْ هو ووَلَدُهُ ليتَميَّز من الناس> . ومنه قوله تعالى: <فلمَّا اسْتَيْأسُوا منه خَلَصُوا نَجِيًّا> أي تَمَيَّزوا عن الناس مُتَنَاجِين. وفي حديث الإسراء <فلما خَلَصْتُ بِمُسْتَوًى> أي وصَلْت وبَلَغْتُ. يقال خَلَص فُلان إلى فُلان: أي وصل إليه. وخَلَص أيضاً إذا سَلِم ونَجَا (في الأصل: <ونجا منه> . وقد أسقطنا <منه> حيث لم ترد في ا واللسان والدر النثير) . ومنه حديث هِرَقْل <إني أخْلُص إليه> وقد تكرر في الحديث بالْمَعْنَيَين. وفي حديث علي رضي اللّه عنه <أنه قضَى في حُكُومة بالخَلاَص> . أي الررُّجُوع بالثَّمن على البائع إذا كانت العَيْن مُسْتَحَقَّة وقد قَبَض ثمَنها: أي قَضَى بمَا يُتَخَلَّص به من الخُصومة. (س) ومنه حديث شُرَيْح <أنه قَضى في قَوْس كسرَهَا رجُل بالخَلاَص> . وفي حديث سَلْمان <أنه كاتَب أهْلَه على كذا وكذا، وعلى أربعين أُوقيَّةَ خِلاَص> . الخِلاَص بالكَسْر: ما أخْلَصَتْه النَّار من الذَّهَب وغَيْره، وكذلك الخُلاصة بالضَّم. (ه) وفيه <لا تَقُوم الساعة حتى تَضْطَرب ألَيَاتُ نساء دَوْس على ذِي الخَلَصة> هو بَيْتٌ كان فيه صَنَم لَدوْس وخَثْعم وبَجيلَة وغَيْرهم. وقيل ذُو الخَلَصة: الكعْبة اليمانِيَّة التي كانت باليَمين، فأنْفذَ إليها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جَرِيرَ بن عبد اللّه فخرّبها. وقيل ذُو الخَلَصة: اسْم الصَّنم نَفْسِه، وفيه نَظَر لأن ذُو لا يُضاف إلاَّ إلى أسماء الأجناس، والمعنى أنهم يَرْتدُّون ويَعُودُون إلى جاهليَّتهم في عِبادة الأوثان، فيسعى نِساء بَني دَوْس طائفاتٍ حَوْل ذي الخَلصة، فَترْتج أعْجازُهُنّ. وقد تكرّر ذكرها في الحديث.{خلط} (ه) في حديث الزكاة <لا خِلاَط ولا وِرَاط> الخلاَط مَصْدَر خَالَطه يُخَالطُه مُخَالَطة وخِلاَطًا. والمراد به أن يَخْلط الرجل إبله بإبل غيره، أو بَقَره أو غَنَمة ليمْنَع حَقَّ اللّه منها ويَبْخَسَ المُصَدِّقَ فيما يَجب له، وهو معنى قوله في الحديث الآخر <لا يُجْمَع بين مُتَفَرّق ولا يُفَرّق بين مُجْتَمع خَشْيَة الصّدقة> أمّا الجمع بين المُتَفَرِّق فهو الخلاَط. وذلك أن يكون ثلاثة نفر مثلا، ويكون لكُلّ واحد أربعون شَاةً، وقد وجَب على كل واحدٍ منهم شاة، فإذا أظَلَّهُم المُصَدّق جمعوها لئلا يكُون عليهم فيها إلاَّ شَاة واحدة. وأما تفريق المُجْتَمع فأن يكون اثْنان شريكان، ولكل واحد منهما مائة شاة وشَاةٌ، فيكون عليهما في مَالَيْهما ثلاثُ شيَاه، فإذا أظَلَّهُما المُصَدّق فَرَّقَا غَنَمهما، فلم يكن على كل واحد منهما إلا شَاةٌ واحدة. قال الشافعي: الخطَاب في هذا للمصدّق ولربّ المال. قال: والخَشْيَة خَشْيَتان: خَشْيَة السَّاعي أن تَقِلَّ الصَّدقة، وخَشْية رب المال أن يَقِلَّ مالُه، فأمَر كل واحد منهما أن لا يُحْدِث في المال شيئاً من الجمع والتَّفريق. هذا على مذهب الشافعي، إذ الخُلْطة مُؤَثِّر عنده. وأمَّا أبو حنيفة فلا أثَر لها عنده، ويكون معنى الحديث نَفْي الخِلاط لِنفْي الأثر، كأنه يقول: لا أثر للخُلطة في تَقليل الزكاة وتكثيرها. (ه) ومنه حديث الزكاة أيضا <وما كان من خَلِيطَين فإنهما يتراجعان بينهما بالسَّويَّة> الخليطُ: المُخالط ويريد به الشريك الذي يَخْلِط ماله بمال شريكه. والتراجُعُ بينهما هو أن يكون لأحدِهما مَثلا أربعون بقَرة وللآخر ثلاثون بقرة، وما لهما مُخْتلِط، فيأخذ الساعي عن الأربعين مُسِنَّة، وعن الثلاثين تَبِيعاً، فيَرجِع باذِلُ المُسِنَّة بثلاثة أسْباعِها على شريكه، وباذِل التَّبيع بأربعة أسْباعه على شريكه، لأنّ كلَّ واحد من السِّنَّين واجبٌ على الشُّيوع، كأنّ المال مِلْكُ واحد. وفي قوله بالسَّوِيَّة دليلٌ على أنّ الساعي إذا ظَلم أحَدهما فأخذ منه زيادةً على فَرْضه فإنه لا يرجِع بها على شَرِيكه، وإنما يَغْرَم له قيمةَ ما يَخُصُّه من الواجب دُون الزيادة. وفي التراجع دليلٌ على أن الخُلْطة تصحُّ مع تمييز أعْيان الأموال عند مَن يقول به. (ه) وفي حديث النَّبِيذ <أنه نَهَى عن الخَلِيطَين أن يُنْبَذا> يريد مايُنْبَذ من البُسر والتَّمر معاً، أو من العِنَب والزَّبيب، أو من الزَّبيب والتمر ونحو ذلك مما يُنْبَذ مُخْتلِطا. وإنما نَهى عنه لأنّ الأنْواع إذا اختَلَفت في الانْتبَاذِ كانت أسْرَع للشدة والتَّخْمِير. والنَّبيذُ المعمولُ من خَلِيطَين، ذَهَبَ قوم إلى تَحْريمه وإن لم يُسْكِر أخْذاً بظاهر الحديث، وبه قال مالك وأحمد. وعامَّة المُحَدِّثين قالوا: من شَرِبه قبل حُدوث الشَّدة فيه فهو آثِمٌ من جهةٍ واحدةٍ، ومَن شَرِبه بعد حُدوثها فهو آثِمٌ من جِهَتَين: شُرْبِ الخَلِيطَين وشُرْبِ المُسْكِر. وغيرهم رخَّص فيه وعَلَّلوا التحريم بالإسكار. (س) وفيه <ما خالَطَت الصَّدقة مالاً إلا هَلَكته> قال الشافعي: يعني أن خِيانة الصَّدقة تُتْلف المال المَخْلوط بها. وقيل هو تَحْذِير للعُمال عن الخيانة في شيء منها. وقيل هو حَثٌ على تعجيل أداء الزكاة قبل أن تَخْتَلِط بماله. وفي حديث الشُّفْعة <الشَّرِيك أولى من الخَلِيط، والخَليطُ أولى من الجارِ> الشَّرِيكُ: المُشارِكُ في الشُّيوع، والخليطُ: المُشارك في حُقوق المِلْكِ كالشِّرْب والطَّريق ونحو ذلك. (س) وفي حديث الوَسْوَسة <رَجَع الشيطان يَلْتمِسُ الخِلاط> أي يُخالِطُ قَلْب المُصَلي بالوَسْوَسة. (س) ومنه حديث عبيدة <وسئل ما يُوجب الغُسل؟ قال: الخَفْق والخْلاط> أي الجماعُ، من المُخالطة. (س) ومنه خطبة الحجاج <ليس أوان يَكْثُر الخلاط> يعني السِّفادَ. وفي حديث معاوية <أنّ رجلين تَقَدّما إليه فادَّعآ أحدُهما على صاحبه مالاً، وكان المُدَّعي حُوَّلاً قُلَّبا مِخْلَطا مِزْيَلاً> المخلَط بالكسر الذي يَخلِط الأشياء فيُلْبِسُها على السامعين والناظرين. وفي حديث سعد <وإن كان أحدُنا لَيَضَع كما تَضَع الشاة، ما لَه خِلْطٌ> أي لا يَخْتَلِط نَجْوُهُم بعضُه ببعض لجفافه ويُبْسِه، فإنهم كانوا يأكلون خُبْز الشعير وورق الشجر لفَقْرِهم وحاجتِهم. ومنه حديث أبي سعيد <كنا نُرْزَقُ تمْر الجَمْع على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم> وهو الخِلْط من التمر: أي المُختلِط من أنواع شِتَّى. وفي حديث شُرَيح <جاءه رجل فقال: إني طَلَّقت امرأتي ثلاثا وهي حائضٌ، فقال: أمّا أنا فلا أخْلِطُ حلالا بحرام> أي لا أحْتَسِب بالحيْضة التي وَقَعَ فيها الطلاقُ من العِدّة، لأنها كانت له حلالا في بعض أيام الحْيضة وحراما في بعضِها. (س) وفي حديث الحسن يصف الأبْرَارَ <وظنّ الناسُ أن قد خُولِطُوا وما خُولِطُوا، ولكن خالَط قلبَهم هَمٌّ عظيمٌ> يقال خُولِطَ فُلان في عَقْله مخالَطة إذا اخْتَلَّ عَقْله. {خلع}(س) فيه <من خَلَع يَداً من طاعةٍ لَقى اللّه تعالى لا حُجَّةَ له> أي خَرَج من طاعة سُلْطانه، وعدا عليه بالشر، وهو من خَلَعْتُ الثَّوب إذا ألقيتَه عنك. شَبَّه الطاعة واشْتِمالها على الإنسان به، وخّصَّ اليد لأنّ المُعاهدة والمُعاقدة بها. ومنه الحديث <وقد كانت هُذَيل خَلَعُوا خَلِيعاً لهم في الجاهلية> كانت العرب يتعاهدُون ويتعاقدون على النُّصرة والإعانة، وأن يُؤْخَذَ كلّ منهم بالآخر، فإذا أرادوا أن يَتَبَرَّأوا من إنسان قد حالَفُوه وأظْهَرُوا ذلك إلى الناس، وسَمَّوا ذلك الفعل خَلْعا، والمُتَبَرّأ منه خَلِيعا: أي مَخْلوعا، فلا يُؤْخَذون بجنَايَته ولا يؤخذ بجنايتهِم، فكأنهم قد خَلعوا اليمين التي كانوا قد لَبِسوها معه، وسَمَّوْه خَلْعا وخَليعا مَجازا واتِّساعا، وبه يُسَمى الإمام والأميرُ إذا عُزِل خَلِيعاً، كأنه قد لَبِس الخلافة والإمارة ثم خَلَعها. (ه) ومنه حديث عثمان <قال له اللّه سَيُقَمِّصُك قميصاً وإنك تُلاصُ على خلعه> أراد الخلافةَ وتَرْكَها والخروج منها. ومنه حديث كعب <إنّ من تَوْبتي أن أنْخَلِعَ من مالي صَدَقَةً> أي أخْرُجَ منه جميعه وأتَصَدَّقَ به وأعْرَى منه كما يَعْرَى الإنسانُ إذا خلع ثوبَهُ. [ه] وفي حديث عثمان <كان إذا أُتيَ بالرجُل الذي قد تخَلّع في الشَّراب المُسْكر جَلَده ثمانين> هو الذي انْهَمَك في الشُّرب ولازمه، كأنه خَلَع رَسَنَه وأعْطى نفْسَه هواها، وهو تَفَعَّل، من الخلْع. وفي حديث ابن الصَّبْغاء <فكان رجل منهم خَلِيعٌ> أي مُسْتَهْتَر بالشُّرب واللَّهو، أو من الخَلِيع: الشاطر الخبيث الذي خَلَعَتْه عشيرتُه وَتَبَرَّأوا منه. (ه س) وفيه <المُخْتلعاتُ هنّ المُنافقات> يعني اللاتي يَطْلُبْن الخُلْع والطلاق من أزواجهن بغير عُذر. يقال خَلَع امرأته خُلْعا، وخالعها مخالعة، واخْلعت هي منه فهي خالِع. وأصلُه من خَلْع الثَّوْب. والخُلْع أن يُطلِّق زوجته على عِوَض تَبْذُله له، وفائدتُه إبطال الرَّجْعية إلا بعَقْد جديد. وفيه عند الشافعي خلافٌ: هل هو فَسْخ أو طلاق، وقد يُسمَّى الخُلْع طلاقا. (س) ومنه حديث عمر <إنّ امرأةً نَشَزَت على زوجها، فقال له عمر: اخْلعْها> أي طَلِّقها واتْرُكْها. وفيه <من شَرِّ ما أُعْطيَ الرجل شُحٌّ هالعٌ وجُبْنٌ خالعٌ> أي شديد كأنه يَخْلعُ فؤاده من شدّة خّوْفه، وهو مجاز في الخَلْع. والمراد به ما يَعْرِضُ من نوازِع الأفكار وضَعْفِ القلب عند الخَوف. {خلف} (ه) فيه <يَحْمل هذا العلم من كلّ خَلَفٍ عُدُو لُه، يَنْفُون عنه تَحْرِيف الغالين وانْتِحالَ المُبْطِلِين، وتأوُّل الجاهلين> الخَلَف بالتحريك والسكون: كل من يجيء بعد من مضى، إلا أنه بالتحريك في الخَير، وبالتسكين في الشَّرّ. يقال خلَفُ صِدْقٍ، وخَلْفُ سُوءٍ. ومعناهما جميعا القَرْن من الناس. والمراد في هذا الحديث المَفْتوح. (ه) ومنه السكون الحديث <سيكونُ بعد ستين سنة خَلْفٌ أضاعُوا الصلاة> وحديث ابن مسعود <ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم (في ا والأصل: من بعده. وأشار مصححه إلى أنها هكذا في جميع نسخ النهاية التي بين يديه. وما أثبتناه نحن من اللسان وتاج العروس ) خُلُوف> هي جمع خَلْفٍ. وفي حديث الدعاء <اللَّهُم أعْط كلَّ منْفق خَلَفاً> أي عِوَضاً. يقال خَلَفَ اللّه لك خّلّفاً بخير، وأخْلف عليك خيرا: أي أبْدَلك بما ذَهَب منك وعَوَّضَك عنه. وقيل إذا ذَهب للرَّجل ما يَخْلُفه مثل المال والولد قيل أخْلف اللّه لك وعَلَيْك، وإذا ذَهَبَ له ما لا يَخْلفه غالبا كالأب والأمّ قيل خَلف اللّه عليك. وقد يقال خَلَفَ اللّه عليك إذا مات لك ميِّت: أي كان اللّه خَلِيفَة عليك. وأخْلَف اللّه عَلَيْك: أي أبْدَلك. (س) ومنه الحديث <تَكَفَّل اللّه للْغازِي أن يُخْلِف نَفَقَته> . وحديث أبي الدرداء في الدعاء للميت <أخْلُفْه في عَقِبه> أي كُن لهم بَعْده. وحديث أمّ سَلمة <اللهم اخْلُفْ لي خَيْراً منه> . [ه]ومنه الحديث <فلينْفُضْ فِرَاشه فإنه لا يدري ما خَلَفَه عليه> [أي] (زيادة من ا والدر النثير ) لعلَّ هَامَّةً دَبَّت فصارت فيه بعده، وخِلاَف الشيء: بَعْدَه. ومنه الحديث <فدخل ابنُ الزُّبير خلافَه> . وفي حديث الدَّجَّال <قد خَلَفهم في ذُرّياتِهم> . وحديث أبي اليَسَر <أخَلَفتَ غازياً في سبيل اللّه في أهله بمثل هذا؟ > يقال خَلَفتُ الرَّجل في أهله إذا أقمتَ بعده فيهم وقمتَ عنه بما كان يفعله، والهمزة فيه للاستفهام. وحديث ماعِز <كلما نَفَرْنا في سبيل اللّه خلَفَ أحدُهم له نَبِيبٌ كنبيب التَّيسِ> . وحديث الأعشى الحِرْمَازِي: فخلَفَتْني بنِزاعٍ وحَرَبْ * أي بَقِيَتْ بَعْدِي، ولو رُوي بالتَّشديد لكان بمعنى تركَتْنِي خَلفها. وَالحَرَبُ: الغَضَب. (ه) وفي حديث جَرِير <خَيْرُ المَرْعَى الأراكُ والسَّلّم إذا أخلّف كان لَجِيناً> أي إذا أخرج الخِلْفَة وهو ورَقٌ يخرج بعد الورق الأول في الصَّيف. ومنه حديث خُزَيمة السُّلميّ <حتى آلَ السُّلامَى وأخلَفَ الخُزامَى> أي طَلَعَتْ خِلْفَتْه من أصُوله بالمطر. (س) وفي حديث سعد <أتَخلَّف عن هجَرتي> يريد خوْفَ الموت بمكة، لأنهَّا دَار تركوها للّه تعالى وهَاجَرُوا إلى المدِينة، فلم يُحِبُّوا أن يكون موتُهم بها، وكان يومئذ مريضاً. والتَّخَلُّف: التَّأخُّر. ومنه حديث سعد <فخلَّفَنا آخر الأربع> أي أخرَنا ولم يُقَدِّمْنا. والحديث الآخر <حتى إنَّ الطَّائر ليمُرُّ بجَنباتهم فما يُخَلِّفُهُمْ> أي ما يَتقدَّم عليهم ويَتْرُكهم وراءه. (س) وفيه <سَوُّوا صُفُوفكم ولا تَخْتلفوا فَتَخْتلفَ قُلُوبُكم> أي إذا تَقَدَّم بعضُكم على بعضٍ في الصفوف تأَثَّرت قُلُوبكم، ونشأ بينكم الخُلْفُ. (س) ومنه الحديث الآخر <لَتُسَوُّنَّ صُفُوفكم، أو لَيُخَالِفَنَّ اللّه بين وجّوهكم> يريد أن كُلاًّ منهم يَصْرِفُ وجْهه عن الآخر، ويوقع بينهم التَّباغُض، فإنَّ إقْبال الوَجْه على الوَجْه من أثر المَودَّة والأُلْفَة. وقيل أراد بها تَحْويلَها إلى الأدْبار. وقيل تغيير صُورِها إلى صُور أخْرى. وفيه <إذا وعَدَ أخْلفَ> أي لم يف بوعده ولم يصدُق. والاسم منه الخُلْف بالضم. (س) وفي حديث الصوم <خِلْفَةُ فم الصَّائم أطْيبُ عِندَ اللّه من ريح المسْكِ> الخِلْفَة بالكسر: تَغَيُّر ريح الفَمِ. وأصلها في النَّبَات أن يَنْبُت الشيء بَعْدَ الشيء؛ لأنها رائحةٌ حَدَثت بعد الرائحة الأولى. يقال خَلَف فمُه يَخْلُف خِلْفةً وخُلُوفا. (ه) ومنه الحديث <لَخُلوف فَمِ الصَّائم أطيبُ عِند اللّه من ريح المِسك> . (ه) ومنه حديث علي، وسُئل عن قُبْلة الصائم فقال: <وما أرَبُك إلى خُلُوفِ فيها؟ > . (ه) وفيه <إن اليهود قالت: لقد عَلِمْنَا أن محمدا لم يترك أهلَه خُلُوفاً> أي لم يَتْرُكْهنّ سُدًى لا راعِيَ لهنّ ولا حامِيَ. يقال حَيًّ خُلُوف: إذا غاب الرجال وأقام النساءُ. ويُطْلَقُ على المُقِيمين والظاعِنين. ومنه حديث المرأة والمَزادَتَين <ونَفَرُنا خُلُوف> أي رِجالُنا غُيَّبً. وحديث الخُدْرِي <فأتينا القومَ خُلُوفاً> . (س) وفي حديث الديه <كذا وكذا خَلِفَة> الخَلِفَة - بفتح الخاء وكسر اللام -: الحامل من النُّوق، وتُجْمع على خَلِفات وخَلائف. وقد خَلِفَت إذا حَملتْ، وأخْلَفت إذا حالَن. وقد تكرر ذكرها في الحديث مُفْرَدة ومجموعة. ومنه الحديث <ثلاث آيات يَقْرؤهُنّ أحدُكم خيرٌ له من ثلاث خَلِفات سِمان عِظام> . ومنه حديث هَدْم الكعبة <لمَّا هَدَمُوها ظَهَر فيها مثْلُ خَلائف الإبِل> أراد بها صُخوراً عِظاما في أساسِها بقَدْر النُّوق الحَوامِلِ.(س) وفيه <دَعْ داعِيَ اللَّبَن، قال فتَركْتُ أخلافَها قائمة> الأخْلاف: جَمع خِلْف بالكسر، وهو الضَّرْع لكلّ ذاتِ خُفٍّ وظِلْف. وقيل هو مَقْبِض يدِ الحالِب من الضَّرْع. وقد تكرر في الحديث. [ه] وفي حديث عائشة وبِناء الكعبة <قال لها: لولا حِدْثانُ قَوْمِك بالكُفر لبَنَيْتُها على أساس إبراهيم، وجَعلْت لها خَلْفين، فإِنَّ قريْشا اسْتَقْصَرت من بنائها> الخَلْف: الظَّهر، كأنه أراد أن يَجعل لها بابَيْن، والجهة التي تُقابِل الباب من البَيْت ظَهْرهُ، فإذا كان لها بابانِ فقد صار لها ظَهْرانِ. ويروى بكسر الخاء: أي زِيادَتَين كالثَّدْيَين، والأوّل الوجهُ. وفي حديث الصلاة <ثُم أُخالِف إلى رجال فأُحَرِّق عليهم بُيوتَهم> أي آتِيهم من خِلْفِهم، أو أخالف ما أظْهَرْت من إقامة الصلاة وأرْجِع إليهم فآخُذهم على غَفْلة، أو يكون بمعنى أتَخلَّف عن الصلاة بِمُعَاقَبَتِهم. ومنه حديث السَّقِيفة <وخالّف عنَّا علّيّ والزُّبير> أي تَخَلَّفا. (ه) وفي حديث عبد الرحمن ابن عوف <إنَّ رجلا أخْلَف السَّيْف يوم بَدْر> يقال أخْلَف يَدَه: إذا أراد سَيْفه فأخْلَف يَدَه إلى الكِنانة. ويقال: خَلَف له بالسيف: إذا جاءه من ورائه فَضَربَه. (ه) ومنه الحديث <جِئتُ في الهاجرة فوجَدْت عُمر يُصَلِّي، فقُمْت عن يساره فأخْلفَنِي فَجعلَني عن يمينه> أي أدارَني من خَلْفه. ومنه الحديث <فأخلّف بيَدِه وأخَذ يَدْفَع الفَضْلَ> . (ه) وفي حديث أبي بكر <جاءه أعْرابي فقال له: أنت خلِيفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ فقال لا. قال فما أنتَ؟ قال: أنا الخالِفةُ بعده> (أراد القاعد بعده. قاله الهروي نسبة إلى ثعلب. ثم قال: والخالفة: الذي يستخلفه الرئيس على أهله وماله ثقة به) الخَلِيفة مَن يقوم مَقام الذاهب ويَسُدّ مَسَدّه، والهاء فيه للمبالَغة، وجَمْعه الخُلَفاء على معنى التَّذكير لا على اللفظ، مِثْل ظَرِيف وظُرَفاء. ويُجْمَع على اللفظ خَلائف، كظَرِيفة وظَرائِفَ. فأما الخالفة فهو الذي لا غَنَاء عنده ولا خيرَ فيه. وكذلك الخالِف. وقيل هو الكثير الْخِلاَف، وهو بَيِّن الخَلافة بالفتح. وإنما قال ذلك تَواضُعاً وهَضْماً من نفسه حين قال له أنت خليفة رسول اللّه. (ه) ومنه الحديث <لمَّا أسْلم سعيد بن زيد قال له بعض أهلِه: إني لأحْسَبُك خالِفة بَني عَدِيّ> أي الكثير الخلاف لهم. وقال الزمخشري: <إنّ الخَطَّاب أبا عُمَر قاله لزّيْد بن عَمْرو أبِي سعيد بن زيد لمَّا خالَف دِينَ قَوْمه. ويجوز أن يُريدَ به الذي لا خَيْرَ عنده> . ومنه الحديث <أيُّما مُسْلمٍ خَلَف غازيا في خالِفتِه> أي فِيمن أقام بَعْده من أهله وتَخلَّف عنه. (ه) وفي حديث عمر <لو أطَقْتُ الأذان مع الخِلِّيَفى لأذَّنْتُ> الخِلِّيَفى بالكسر والتشديد والقصر: الخِلافة، وهو وأمثاله من الأبْنِية، كالرِّمِّيَّا والدِّلِّيلا، مصدَرٌ يَدُل على معنى الكَثْرة. يُريدُ به كثرة اجتهاده في ضَبْط أمور الخِلافة وتَصْريف أعِنَّتِها. وفيه ذِكْر <خَليفة> بفتح الخاء وكسر اللام: جَبَل بمكة يُشْرِف على أجْياد. (ه) وفي حديث معاذ <من تَحوّل من مخْلاف إلى مخْلاف فعُشْرُه وصَدَقَتُه إلى مِخْلافِه الأوّل إذا حال عليه الحَوْل> المِخْلاف في اليمن كالرُّسْتاق في العِراق، وجمعه المخَاليفُ، أراد أنه يُؤدِّي صَدَقته إلى عَشِيرَته إلى التي كان يُؤدِّي إليها. (ه) ومنه حديث ذي المِشْعار <من مِخْلاف خارِف ويَامٍ> هما قَبيلَتان من اليَمن. {خلق}*في أسماء اللّه تعالى <الخالق> وهو الذي أوْجد الأشياء جميعَها بعد أن لم تكنْ مَوْجُودة. وأصل الخَلْق التَّقْدير، فهو باعتِبار تقدير ما منه وُجُدُها، وباعتبار الإيجاد على وَفْق التقدير خالِق. وفي حديث الخوارج <هم شرّ الخلْق والخَلِيقة> الخَلْق: الناس. والخَليقة: البهائم. وقيل هما بمعنًى واحد، ويُريد بهما جميعَ الخلائق. وفيه <ليس شيء في الميزان أثْقَل من حُسْنِ الخُلُق> الخُلُق - بضم اللام وسُكونها -: الدِّين والطَّبْع والسَّجِيَّة، وحقيقتُه أنه لِصُورة الإنسانِ الباطنة وهي نفْسُه وأوْصافُها ومَعانِيها المُخْتصَّة بها بمنزلة الخَلْق لِصُورته الظاهرة وأوْصافِها ومَعانيها، ولهما أوصاف حَسَنة وقَبيحة، والثَّواب والعِقاب ممَّا يَتَعَلَّقان بأوصاف الصُّورة الباطنة أكثر مما يَتَعَلَّقان بأوصاف الصورة الظاهرة، ولهذا تكرّرت الأحاديث في مَدْح حُسْن الخُلُق في غير موضع. (س) كقوله <أكثرُ ما يُدْخِلُ الناسَ الجنةَ تَقْوَى اللّه وحُسْنُ الخُلُق> . (س) وقوله <أكْمَلُ المؤمنين إيماناً أحْسنُهم خُلُقاً> . س) وقوله <إنّ العَبْد ليُدْرِك بحُسْن خُلُقه درجةَ الصائم القائم> . وقوله <بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارم الأخلاق> وأحاديث من هذا النوع كثيرة، وكذلك جاء في ذَمّ سُوء الخُلُق أحاديث كثيرة. (ه) وفي حديث عائشة <كان خُلُقُه القرآنَ> أي كان مُتُمسّكاً بآدابه وأوامره ونَواهيه. وما يَشْتَمل عليه من المَكارم والمَحاسن والألْطاف. (ه) وفي حديث عمر <من تَخَلَّق للناس بما يَعْلَم اللّه أنه ليس نفسِه شانَه اللّه> أي تكلّفَ أن يُظْهِر من خُلُقِه خِلاف ما يَنْطَوِي عليه، مِثْل تَصَنَّع وتَجَمَّل إذا أظْهَر الصَّنِيع والجميل. وفيه <ليس لهم في الآخرة من خَلاق> الخَلاق بالفتح: الحظُّ والنَّصِيب. ومنه حديث أُبَيّ <وأمّا طَعامٌ لم يُصْنَع إلَّا لك فإنك أكَلْتَه إنما تأكل منه بِخَلاقك> أي بحَظِّك ونَصِيبك من الدِّين. قال له ذلك في طَعام مَن أقْرأه القُرآن، وقد تكرر ذكره في الحديث. وفي حديث أبي طالب <إنْ هذا إلاّ اخْتلاق> أي كَذِبٌ، وهو اْفتِعال من الخَلْق والإبْداع، كأنّ الكاذب يَخلُق قوله. وأصل الخَلْق: التقدير قبْل القَطْع. ومنه حديث أخْتِ أمَيَّة بن أبي الصَّلْت <قالت: فدَخَل عليَّ وأنا أخْلُقُ أدِيماً> أي أُقَدِّرُه لأقْطَعَه. وفي حديث أمّ خالد <قال لها أبْلِي وأخْلقِي> يُرْوَى بالقاف والفاء، فبالقاف من إخلاق الثَّوب تَقْطِيعه، وقد خَلُق الثوبُ وأخْلَقَ. وأما الفاء فَبمعْنى العِوَض والبَدَل، وهو الأشْبَه. وقد تكرر الإخْلاق بالقاف في الحديث. (ه) وفي حديث فاطمة بنت قَيْس <وأمَّا مُعاوية فَرَجل أخْلَقُ من المال> أي خِلْوٌ عَارٍ. يقال حَجَرٌ أخْلَقُ: أي أمْلَسُ مُصْمَتٌ لا يُؤثِّر فيه شيء. (ه) ومنه حديث عمر <ليس الفَقير الذي لا مالَ له، إنَّما الفَقير الأخْلَقُ الكَسْب> . أرادَ أنّ الفَقْر الأكْبر إنما هو فَقْر الآخرة، وأنّ الدنيَا أهوَن الفَقْرَيْنِ. ومَعْنى وصْفِ الكَسْب بذلك أنَّهُ وافِر مُنْتَظم لا يقَع فيه وَكْسٌ ولا يَتَحَيَّفه نَقْص، وهو مَثَل للرَّجُل الذي لا يُصاب في مالِه ولا يُنْكَبُ، فَيُثَاب على صَبْره، فإذا لم يُصَبْ فيه ولم يُنْكَبْ كانَ فَقِيراً من الثَّواب. ومنه حديث عمر بن عبد العزيز <كُتِب له في امْرأة خَلْقاءَ تَزوّجَها رجُل، فكَتب إليْه: إنْ كانوا علموا بذلك - يَعْني أوْلِيَاءها - فأغْرمْهُم صَدَاقها لِزَوْجهَا> الخَلْقَاء: هي الرَّتْقَاء، من الصَّخْرة المَلْساء المُصْمَتة. وفيه ذكر <الخَلُوق> قد تكرر في غير موضع، وهو طيبٌ معروف مُرَكب يُتَّخذ من الزَّعْفَرَان وغيره من أنْواع الطّيب، وتَغْلب عليه الْحُمرة والصُّفْرة. وقد وَرَدَ تارة بإباحَتِه وتارة بالنَّهْي عنه، والنَّهْيُ أكْثر وأثْبَتُ. وإنَّما نَهَى عنه لأنه من طِيب النِّساء، وكُنَّ أكْثَر اسْتعمالاً له منهم. والظاهر أنّ أحاديث النَّهْي نَاسِخة. وفي حديث ابن مسعود وقَتْلِه أبا جَهْل <وهو كالجَمل المُخَلَّق> أي التَّامّ الخَلْق. (س [ه]) وفي حديث صفة السحاب <واخْلَولَق بعد تَفَرُّق> أي اجْتَمع وتَهيَّأ للمَطر وصاَر خَلِيقاً به . يقال خَلُق بالضَّم، وهو أخْلَق به، وهذا مخلقة لذلك: أي هو أجدَر، وجديرٌ به. (ه) ومنه خُطْبة ابن الزبير <إنّ المَوْت قد تَغَشَّاكُم سَحَابُه، وأحْدَق بكم رَبَابُه ،واخْلَوْلَق بَعْد تَفَرُّق> وهذا البنَاء للمبَالغة، وهو افْعَوْعَلَ، كاغْدَوْدَن، واعْشَوْشب. {خلل} *فيه <إنّي أبْرَأُ إلى كُلّ ذي خُلَّةٍ من خُلَّته> الْخلَّة بالضَّم: الصَّدَاقة والمَحَبَّة التي تَخَلَّلَت القَلْب فصارت خِلاَلَه: أي في باطنه. والخَليل: الصَّدِيق، فَعِيل بمعنى مُفاعِل، وقد يكُون بمعنى مَفْعول، وإنَّما قال ذلك لأن خُلَّتَه كانت مَقْصُورَة على حُبّ اللّه تعالى، فليس فيها لِغَيرِه مُتَّسَع ولا شَرِكَة من مَحابِّ الدنيا والآخرة. وهذه حَال شَرِيفَة لا يَنَالها أحدٌ بِكسْب واجْتِهاد، فإنَّ الطِّبَاع غالبَة، وإنَّما يَخُصُّ اللّه بها من يشاء من عِبَاِده مِثْل سَيِّد المرسلين صلوات اللّه وسلامه عليه، ومَن جَعَل الخَلِيل مُشْتَقاًّ من الخَلَّة وهي الحاجة والفَقْر، أراد إنى أبْرَأ من الاعْتِماد والافْتِقار إلى أحَدٍ غَيْر اللّه تعالى. وفي رواية <أبْرَأ إلى كُلّ خِلّ من خَلَّته> بفتح الخاء وبكسرها وهُما بمعْنى الخُلَّة والخَلِيل. ومنه الحديث <لو كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيلا لاتَّخَذْت أبا بكر> . والحديث الآخر <المرء بخليله، أو قال على دين خَليله، فلْيَنْظرِ امْرؤٌ مَنْ يُخَالِل> وقد تكرر ذكْره في الحديث. وقد تُطْلَق الْخُلَّة على الخَليل، وَيسْتَوي فيه المذكر والمؤنث، لأنه في الأصل مصدر. تقول خليلٌ بَيِّن الخُلَّة والخُلُولة، ومنه قصيدُ كعب بن زهير: ياَوَيْحَها خُلَّةً لو أنَّها صَدَقَتْ *مَوْعُودَها (الرواية في شرح ديوانه ص 7: <ما وعدت> ) أوْ لَوَانَّ النُّصْح مَقْبُولُ. ومنه حديث حُسْن العَهْد <فَيُهْديها في خُلَّتها> أي أهْل ودِّها وصَدَاقَتِها. ومنه الحديث الآخر <فَيُفَرّقُها في خلائِلها> جَمْع خَلِيلة. (ه) وفيه <اللَّهُم سَادَّ الخَلَّة> الخَلَّة بالفَتح: الحاجة والفَقْر: أي جَابِرَها. (س) ومنه حديث الدعاء للميت <اللَّهُم اسْدُد خَلَّته> وأصْلُها من التَّخَلُّل بَيْن الشَّيْئين، وهي الفُرْجة والثُّلْمَة التي تركها بعده، من الخلَل الذي أبقاه في أموره. (ه) ومنه حديث عامر بن رَبيعة <فواللّه مَا عَدَا أن فَقَدْنَاهَا اخْتَللْناها> أي احْتَجْنا إليها فَطَلَبْناها . (ه) ومنه حديث ابن مسعود <عَلَيْكُم بالعلم فإنّ أحَدَكُم لا يَدْري متى يُخْتَلُّ إليه> أي يُحتاج إليه. وفيه <أنه أُتِي بَفَصِيل مَخْلول أو مَحْلول> : أي مَهْزُول، وهو الذي جُعل على أنْفِهِ خِلال لِئِلاَّ يرضَع أمّه فتُهْزل. وقيل المخلول: السَّمِين ضِدَّ المَهْزول. والمهْزول إنِّما يقال له خَلُّ وَمُخْتلُّ, والأوّل الوجْه. ومنه يقال لابن المَخاض خَلٌّ لأنه دَقيق الجِسْم. (س) وفي حديث أبي بكر رضي اللّه عنه <كان له كسَاء فَدكِيُّ فإذَا ركِبَ خَلَّه عليه> أي جَمَع بين طَرَفيْه بخلال من عُود أو حَديد. ومنه : خَلَلْتُه بالرُّمْح إذا طَعَنْتَه به. ومنه حديث بدر وقَتلِ أميَّةَ بن خَلَف <فتَخَلَّلُوه بالسُّيوف من تحْتي> أي قَتَلُوه بها طَعنا حيث لم يقْدِروا أن يَضْربوه بها ضَرْباً. (س) وفيه <التَّخَلُل من السُّنَّة> هو اسْتعمال الخِلال لإخراج ما بين الأسنان من الطَّعام . والتَّخَلُّل أيضاً والتَّخليل: تفريق شَعَر اللِّحْية وأصابع اليديْن والرِّجلين في الوضوء. وأصله من إدخال الشَّيء في خلال الشيء، وهو وسْطُه. (س) ومنه الحديث <رَحِم اللَّه المُتَخلّلين من اْمَّتي في الوضوء والطعام> . (ه) ومنه الحديث <خَلّلُوا بين الأصَاَبِع لا يُخَلّل اللَّه بينَها بالنَّار> . وفيه <إنَّ اللَّه يُبْغِضُ البليغَ من الرّجال الذي يتخلَّل الكلام بلسَانه كما تتخلّل البَاقِرة الكَلأَ بِلِسَانها> هو الذي يَتَشَدَّق في الكلام ويُفَخّم به لسَانه ويَلُفُّه كما تَلُفُّ البقرة الكلأ بلسانها لفَّا. (ه) وفي حديث الدَّجّال <يخرج من خَلَّة بَيْن الشَّام والعِرَاق> أي في طَرِيق بَيْنَهُما. وقيل للطَّريق والسَّبِيل خَلَّة؛ لأنّه خَلَّ ما بَيْن البَلَدين: أي أخَذ مَخِيط (في الأصل: محيط - بضم الميم وكسر الحاء - والمثبت من ا واللسان والهروي. وفي الهروي: يقال: خطت البوم خيطة، أي سرت سيره ) ما بَيْنَهُما. ورواه بعضهم بالحاء المهملة، من الحُلُول: أي سَمْتَ ذلك وقُبَالَتَه. (س) وفي حديث المِقْدام <ما هذا بأوّل ما أخْلَلْتُم بي> أي أوْهَنْتُموني ولم تُعِينُوني. والخَلَل في الأمر والحَرْب كالوَهْنِ والفسَاد. (س) وفي حديث سِنان بن سَلمة <إنَّا نَلْقِط الخِلاَل> يَعْني البُسْر أوّل إدْرَاكِه، واحِدَتُها خَلالة بالفتح. {خلا} (س) في حديث الرُّؤْيا <ألَيْس كُلُّكم يرَى القمرَ مُخْلِياً به> يُقال خَلَوْت به ومَعه وإليه. وأخْلَيْت به إذا انْفَرَدْت به: أي كُلٌّكم يرَاهُ مُنْفرِداً لنَفْسِه، كقوله: لا تُضَارُّون في رُؤيته. (س) ومنه حديث أمّ حَبِيبَة <قالت له: لَسْتُ لك بِمُخْلِيَة> أي لم أجِدْك خَالياً من الزَّوْجات غَيْري. وليس مِنْ قَوْلِهم امْرَأة مُخْلِيَة إذا خَلَتْ من الزَّوْج.(س) وفي حديث جابر <تَزَوَّجْتُ امْرأة قَدْ خَلاَ مِنْها> أي كَبِرَت ومَضَى مُعْظم عُمرِها. ومنه الحديث <فلمَّا خَلاَ سِنِّي ونَثَرتُ له ذَا بَطْنِي> تُرِيد أنَّها كَبِرَتْ وأَوْلَدَتْ له. (ه) وفي حديث معاوية القُشَيري <قلت يا رسول اللّه: ما آيات الإسلام؟ قال: أنْ تقول أسْلَمْتُ وجْهي إلى اللّه وتَخَلَّيْت> التَّخَلّي: التَّفَرُّغ. يقال تَخَلّى للعبادة، وهو تَفَعّل، من الخُلُوّ والمراد التَّبَرُّؤ من الشّرْك، وعَقْدُ القَلْب على الإيمان. (ه) ومنه حديث أنس <أنْتَ خِلْوٌ من مُصِيبَتِي> الخِلْوُ بالكَسْر: الفَارِغ البَالِ من الهمُوم. والخِلْو أيضاً: المنْفَرد. ومنه الحديث <إذا كٌنتَ إمَاماً أو خِلْوًا> . (ه) ومنه حديث ابن مسعود <إذا أدْرَكْتَ من الجُمُعَة ركعة، فإذا سَلَّم الإمام فأخْلِ وجْهَك وضُمَّ إليها ركعة> يُقال أخْلِ أَمْرَك، واخْلُ بأمْرِك. أي تَفَرّغْ له وتَفَرّغْ له وتَفَرّد به. وورد في تَفْسِيره اسْتَتِرْ بإنْسَان أو بشيء وصَلِّ ركعة أخْرَى، ويُحْمَل الاسْتِتَار على أنْ لا يَراه الناسُ مُصَلِّيا ما فاتَه فيَعْرِفُوا تَقْصيرَه في الصلاة، أوْ لأنّ النَّاس إذا فَرغُوا من الصَّلاَة انْتَشَرُوا رَاجِعِين فأمرَه أن يَسْتَتِر بشيء لئلا يَمُرُّوا بين يديه. وفي حديث ابن عمر: في قوله تعالى <لِيقْضِ علينا ربُّكَ> قال فحلى عنهم أربعين عاماً، ثم قال: <اخْسَأوا فيها ولا تُكَلّمُونِ> أي تركَهُم وأعْرَض عَنُهم. وحديث ابن عباس <كان أناس يَسْتَحْيُون أنْ يَتَخَلَّوا فيُفْضُوا إلى السماء> يَتَخَلَّوا من الخَلاَء وهو قَضَاء الحاجة، يعني يَسْتَحْيُون أن يَنْكَشفُوا عند قضاء الحاجة تحْتَ السماء. (س) وفي حديث تحريم مكة <لا يُخْتلَى خَلاها> الخَلا مَقْصُورٌ: النَّبات الرَّطْب الرَّقسق ما دَام رَطْباً، واخْلاؤه: قَطْعه. وأخْلتِ الأرض: كثر خلاها، فإذا يبس فهو حشيش. (س) ومنه حديث ابن عمر <كان يَخْتَلِي لِفَرسه> أي يَقْطَع لَه الخَلاَ. ومنه حديث عمرو بن مُرّة: إذا اختُلِيَتْ في الحرْبِ هامُ الأكابر* أي قُطِعتْ رُؤوسُهم. وفي حديث معتمر <سُئل مالك عن عَجِين يًعْجَن بِدُرْدِيٍّ، فقال: إن كان يُسْكر فَلا، فَحدَّث الأصمعيّ به مُعْتَمِراً فقال: أوَ كَان كما قال: رَأى في كَفِّ صَاحِبه خَلاَةَ ** فَتُعْجِبُهُ ويُفْزِعُه الجَرِيرُ الخَلاَة: الطَّائِفة من الخَلاَ، ومَعْنَاه أن الرجُل يَنِدُّ بَعيرُه فيأخذ بإِحْدَى يديه عُشْبا وبالأخْرى حَبْلاً، فَيَنْظُر البعير إليهما فلا يَدْرِي ما يُصْنَع، وذلك أنه أعْجَبَتْه فَتْوَى مالك، وخاف التَّحْريم لاخْتِلاف الناس في المُسْكِر، فَتَوَقَّفَ وتَمثل بالبَيْت. (س) وفي حديث ابن عمر <الخَلِيَّة ثلاث> كان الرجُل في الجاهلية يَقُول لزَوْجَته: أنتِ خَلِيَّة فكانت تَطْلُق منه، وهي في الإسلام من كِنَايَاتِ الطَّلاَق، فإذا نَوى بها الطَّلاَق وَقع. يقال رجل خَلِيٌّ لا زَوْجة له، وامْرأة خَلِيَّة لا زَوْجَ لها. (س) ومنه حديث عمر <أنه رُفع إليه رجُل قالت له امْرِأته شَبِّهني، فقال كأنَّك ظَبْيَة، كأنك حَمامة، فقالت لا أرْضَى حتَّى تقول خَلِيَّة طَالِق، فقَال ذلك. فقال عُمَر: خُذْ بِيَدِها فإنها امْرَأَتُك> . أراد بالخَلِلَّة ها هنا النَّاقّةّ تُخَلَّى من عِقَالِها، وطلَقَتْ من العِقَال تَطْلُق طَلْقاً فهي طالق. وقيل أراد بالخَلِيَّة الغَزِيرة يُؤخَذُ وَلَدُها فيُعْطَف عليه غَيْرعا وتُخَلَّى للْحَيِّ يَشْرَبون لَبَنَها. والطالق الناقة التي لا خِطَام عليها، وأرادت هي مُخَادَعَته بهذا القَول ليَلْفِظَ به فيقَع عليها (في الأصل: عليه. والمثبت من ا واللسان) الطَّلاق، فقال له عمر: خذ بيدها فإنها امْرَأتُك، ولم يُوقع عليها الطلاق لأنه لم يَنْوِ به الطلاق، وكان ذلك خدَاعاً منها. وفي حديث أم زَرْع <كُنْتُ لكَ كأبي زَرْع لأم زرْع في الألْفَة والرِّفاء لا في الفُرْقَة والخَلاَء> يعني أَنَّه طَلَّقها وأنا لا أطَلّقُك. (ه) وفي حديث عمر <إنَّ عاملاً له على الطَّائف كَتب إليه: إنَّ رِجالا من فَهْم كَلّمُوني في خَلاَيَا لَهُم أسْلَموا عليها وسألوني أنْ أحْمِيها لَهُم> الخَلاَيا جمع خَلِيَّة وهو الموضع الذي تُعسِّل فيه النَّحْل، وكأنَّها الموضع التي تُخْلِي فيه أجْوَافَها. ومنه حديث الآخر <في خَلاَيا العَسل العُشْر> . وفي حديث على <وخَلاَكُم ذَمٌّ ما لم تَشْرُدُوا> يُقالُ افْعَلْ ذلك وخَلاك ذَمَّ، أي أُعذِرْت وسَقَط عنك الذَّمُّ. وفي حديث بَهْز بن حكيم <إنهم ليزعمون أنَّك تَنْهَى عن الغَيِّ وتَسْتَخْلي به> أي تَسْتَقلُّ به وتَنْفرِد. ومنه الحديث <لا يَخْلُو عليهما أحدٌ بغير مكة إلاَّ لم يُوافِقاه> يعني الماء واللَّحم: أي يَنْفردُ بهما. يقال خَلاَ وأخْلَى. وقيل يَخْلُو يَعْتَمِد، وأخْلَى إذا انْفَرد. (س) ومنه الحديث <فاسْتَخْلاه البُكاء> أي انْفَرد به. ومنه قولُهم: أخْلَى فُلانٌ على شُرْب اللّبن إذا لم يأكل غيره. قال أبو موسى: قال أبو عمرو: هو بالخاء المعجمة، وبالحاء لا شيء. {خمر} (ه) فيه <خَمِّروا الإناء وأوكئوا السِّقاء> التَّخْمير: التَّغْطِيه. ومنه الحديث <إنه أُتِي بإناء من لَبن، فقال هلاَّ خَمَّرْتَه ولو بعُود تَعْرضُه عليه> . (ه) ومنه الحديث <لا تَجِدُ المؤمن إلاَّ في إحدى ثلاث: في مسجدٍ يَعْمُره، أو بَيْت يُخَمِّرهُ، أو مَعِيشةٍ يُدَبِّرها> أي يَسْتُره ويُصْلح من شَأنه. (ه) ومنه حديث سَهل بن حُنَيْف <انْطَلَقْت أنا وفُلان نَلتَمِس الخَمَرَ> الخَمَر بالتحريك: كل ما سَتَرك من شجر أو بِناء أو غيره. (ه) ومنه حديث أبي قَتادة <فأَبْغِنا مَكانا خَمِرا> أي ساتراً يَتَكاثَفُ شجرُه. ومنه حديث الدّجال <حتى يَنْتَهوا (في ا: حتى ينتهي. وفي اللسان: تنتهوا) إلى جَبَل الخَمَرِ> هكذا يُروى بالفتح، يعني الشجر الملْتَفّ، وفسّر في الحديث أنه جَبَل بَيْت المقدسِ لكثرة شجره. ومنه حديث سَلمان <أنه كَتب إلى أبي الدّرْداء: يا أخي إنْ بَعُدَت الدارُ من الدار فإنّ الرّوح من الرّوح قريب، وطَيْر السماء على أرْفَةِ خَمَرِ الأرض تَقَع> الأرْفَه: الأخْصَبُ، يريد أنَّ وطَنَه أرْفَقُ به وأرْفَه له فلا يُفارِقُه. وكان أبو الدَّرْداء كَتب إليه يَدْعُوه إلى الأرض المقدَّسة. (ه) وفي حديث أبي إدريس <قال دَخَلْت المسجد والناس أخْمَرُ ما كانوا> أي أوْفَر. يقال دَخَل في خِمار الناس: أي في دَهْمائهم. ويُروَى بالجيم (بمعنى أجمع. وقد تقدم) . ومنه حديث أُوَيْس القَرَني <أكون في خَمَار الناس> أي في زَحْمَتِهِم حَيْث أخْفَى ولا أُعْرَف. وفي حديث أم سلمة <قال لها وهي حائض ناوِلِيني الخُمْرة> هي مقدارُ ما يَضَع الرجُل عليه وجْهه في سجوده من حَصِير أو نَسِيجة خُوص ونحوه من النَّباتِ، ولا تكون خُمْرة إلا في هذا المقدار وسُمِّيت خُمْرة لأنّ خُيوطها مَسْتُورة بِسَعَفِها، وقد تكررت في الحديث. هكذا فُسِّرت. وقد جاء في سُنن أبي داود عن ابن عباس قال: جاءت فأرةٌ فأخذت تَجُرّ الفَتِيلة، فجاءت بها فألقَتْها بين يَدَي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على الخُمْرة التي كان قاعِداً عليها، فأحْرقتْ منها مثل موضع دِرهَمٍ. وهذا صريح في إطلاق الخُمْرة على الكبير من نَوْعها. (س) وفيه <أنه كان يَمْسَح على الخُفّ والخِمَار> أراد به العمامه ،لأن الرجل يُغَطّي بهِا رأسَه، كما أن المرأه تغطِّيه بخمارها، وذلك إذا كان قد اعْتمَّ عِمَّه العرب فأدارَها تحت الحَنَكِ فلا يستطيع نَزْعَها في كل وقت فتصير كالخفَّين، غير أنه يحتاج إلى مَسح القليل من الرأس،ثم يَمْسح على العمامه بدل الاسْتيعاب. (س) ومنه حديث عمْرو <قال لمعاوية: ما أشْبه عَيْنَك بِخِمْرة هِند> الخِمْرة هَيْئة الاخْتِمار. وفي المَثل<إنَّ العَوانَ لا تُعَلَّم الخِمْرَةَ> أي المرأة المُجَرِّبة لا تُعَلَّم كيف تَفْعَل. (ه) وفي حديث معاذ <من اسْتَخْمَر قوما أوّلُهم أحْرار وجيرانٌ مُسْتَضْعَفون فإن له ماقَصر في بيتِه> اسْتَخْمَر قوماً أي اسْتَعْبَدَهم بلُغة اليمن. يقول الرجل للرجل أَخْمِرْني كذا: أي أعْطنيه ومَلِّكْني إياه: المعنى مَن أخَذ قوماً قهْراً وتملُّكا، فإنَّ مَن قَصَره: أي احْتَبَسه واحْتَازَه في بَيْتِه واسْتَجْراه في خدْمتِه إلى أنْ جاء الإسلام فهو عبْد له. قال الأزهري: المخامَرة : أن يَبيع الرجُلُ غلاماً حُرَّا على أنه عبْد، وقول مُعاذ مِنْ هذا، أراد مَن اسْتَعْبَد قوماً في الجاهلية، ثم جاء الإسلام فله ما حَازَه في بَيْتِه لا يُخْرج من يده. وقوله وجيران مُسْتَضْعَفون، أراد رُبَّما اسْتَجَر به قوم أو جاوروه فاسْتَضْعَفَهم واسْتَعْبَدَهم، فكذلك لا يُخْرَجون من يده، وهذا مَبْنيٌّ على إقْرَار النَّاس على ما في أيديهم. (س) ومنه الحديث <مَلِّكْه على عُرْبهم وخُمورهم> أي أهْل القُرى، أنّنهم مَغْاوبُون مَغْمُورون بما عليْهم من الخرَاج والكُلف والأثْقال، كذا شرَحه أبو موسى. وفي حديث سَمُرة <أنه باع خَمْراً، فقال عمر: قاتل اللّه سَمُرة> الحديث. قال الخطَّابي: إِنما باع عَصِيراً ممَّن يَتَّخِذه خَمْرا، فَسمَّاه باسم ما يَؤُول إليه مجازا، كقوله تعالى <إني أراني أَعْصِر خَمْرا> فَنَقَم عليه عمر ذلك لأنه مكْرُوه أو غير جائز. فأمّا أن يكون سَمُرة باع خمرا فَلاَ، لأنه لا يَجْهل تَحْرِيمه مَعَ اشْتِهَاره. {خمسْ}*في حديث خيبر <محمَّدٌ والخميسُ> الخميسُ: الجيش، سُمّي به لأنه مَقْسوم بخَمْسة أقسام: المُقَدّمة، والسَّاقة، والميْمنَة، والمَيْسرة، والقَلْب. وقيل لأنَّه تُخمَّس فيه الغنائم. ومحمَّد خبرُ مُبْتَدأ محذوف، أي هذا محمد. ومنه حديث عَمْرو بن مَعْدي كرِب <هُمْ أعْظَمُنا خَميساً وأشَدُّنا شَرِيساً> أي أعْظَمُنا جَيْشاً. (س) ومنه حديث عَدي بن حاتم <رَبَعْتُ في الجاهلية وخَمسْتُ في الإسْلام> أي قُدْتُ الجيْشَ في الحَالَيْن، لأنَّ الأميرَ في الجاهلية كان يأخُذُ رُبُعَ الغنيمة، وجاء الإسلام فجعله الخُمُسَ وجَعل له مصَارِفَ، فيكونُ حِينئذٍ من قولهم: رَبَعْتُ القومَ وخَمَسْتهُمْ - مُخَففاً - إذا أخذْت رُبع أموالهم وخُمُسَها. وكذلك إلى العَشَرة. [ه] وفي حديث مُعَاذ <كان يَقُول في اليمن: ائتُونِي بخَميسٍ أو لَبيس آخُذه منكم في الصَّدَقة> الخميسُ: الثَّوبُ الذي طُولُه خّمسُ أذرُع. ويقال له المَخْمُوس أيضاً. وقيل سُمّي خميساً لأن أولَ من عَملَه مَلِكٌ باليمن يقال له الخِمْس بالكسر. وقال الجوهري: <الخِمْسُ: ضَرْبٌ من بُرُودِ اليمن> . وجاء في البُخَاري خَمِيصٌ بالصاد، قيل إن صَحَّت الرواية فيكون مُذَكَّرَ الخَميصَة، وهي كساء صَغيرٌ، فاستعارَها للثَّوب. (س) وفي حديث خالد <أنَّه سأل عَمَّن يَشْتَري غلاما تَامًّا سَلَفاً، فإذا حَلَّ الأجَلُ قال: خُذْ منّي غلامَيْن خُماسِيَّيْن، أو عِلْجاً أمْرَدَ، قْيل لا بأس> الخُماسِيَّان: طُول كلِّ واحدٍ منهما خَمْسَة أشْبار، والأنْثَى خُماسِيَّة. ولا يقال سُدَاسِيٌّ ولا سُبَاعِيٌّ ولا في غير الخَمْسة. وفي حديث الحجّاج <أنه سأل الشَّعْبِيَّ عن المُخَمَّسَة> هي مَسْألَةٌ من الفَراَئِض اخْتَلفَ فيها خَمْسَةٌ من الصَّحابة: عُثْمان، وعليّ، وابن مسعودٍ، وزَيْد، وابن عبّاس، وهي أمٌّ وأخْتٌّ وجَدٌّ. {خمش} (ه) فيه <مَن سأل وهو غَنِيٌّ جَاءتْ مَسْألتُه يوم القيامة خُموشاً في وجْهِه> أي خُدُوشاً، يقال خَمَشَت المَرْأة وجْهَها تَخْمِشُه خَمْشاً وخُمُوشاً. الخُموش مَصْدَرٌ، ويجوز أن يكون جَمْعاً للمصْدَر حيْث سُمّيَ به. (س) ومنه حديث ابن عباس <حين سئل هل يُقْرَأ في الظُّهر والعَصْر؟ فقال: خَمْشاً> دَعَا عَليه بأن يُخْمَشَ وجْهُه أو جلْده، كما يُقال جَدْعاً وقَطْعاً، وهو منصوب بفعْل لا يَظْهَر. (ه) وفي حديث قيس بن عاصم <كان بَيْننَا وبَيْنَهم خُماشَاتٌ في الجاهليَّة> واحدُها خُماشَة: أي جرَاحات وجنَايات، وهي كُلُّ ما كان دُون القَتْل والدّيَة من قَطْع، أو جَدْع أو جَرْح، أو ضَرْب أو نَهْب ونحو ذلك من أنواع الأذَى. (ه) ومنه حديث الحَسن <وسُئل عن قوله تعالى <وجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيَّئةٌ مِثْلُها> فقال: هذا من الخُماش> أرادَ الجِرَاحات التي لا قِصاص فيها. {خمص} (ه) في صفته صلى اللّه عليه وسلم <خُمْصَان الأخْمَصَيْن> الأخْمَصُ من القَدَم: الموضع الذي لا يَلْصَق بالأرض منها عند الوَطْء، والخُمْصَان المُبالغ منه: أي أنَّ ذلك المَوْضع من أسْفَل قدَميه شَدِيدُ التَّجَافِي عن الأرض. وسُئل ابن الأعرابي عنه فقال: إذا كان خَمْصُ الأخْمَص بقَدْرٍ لم يَرْتَفِع جِدًّا ولم يَسْتَوِ أسْفَلُ القَدم جِدًّا فهو أحْسن ما يكون، وإذا اسْتَوى أو ارْتَفع جدّا فهو مَذْمُوم، فيكون المعنى: أن أخْمَصه مُعْتدِل الخَمَصِ، بخلاف الأوّل. والخَمْصُ والخَمْصة والمَخْمَصة: الجُوع والمَجَاعة.*ومنه حديث جابر <رأيتُ بالنبي صلى اللّه عليه وسلم خَمْصا شديدا> ويقال رجل خُمْصَان وخَمِيص إذا كان ضَامِر البطْن، وجَمْع الخَمِيص خَمَاص. (ه) ومنه الحديث <كالطَّيْر تَغْدُو خِمَاصاً وتَروح بِطاناً> أي تَغْدُو بُكْرة وهي جِياع، وتَروح عِشاَء وهي مُمْتَلِئة الأجْواف. (ه) ومنه الحديث الآخر <خِمَاص البُطون خِفَاف الظُّهُور> أي أنَّهُم أعِفَّة عن أموال الناس، فهم ضَامِرُو البُطُون من أكْلِها، خفَاف الظُّهور منْ ثِقَل وِزْرِها. (ه) وفيه <جئت إليه وعليه خَمِيصةٌ جَوْنِّية> قد تكرر ذكْر الخَمِيصَة في الحديث، وهي ثَوْب خَزٍّ أو صُوف مُعْلَم. وقيل لا تُسَمَّى خَمِيصةً إلا أن تكون سَوْدَاء مُعْلَمة، وكانت من لِبَاس الناس قديِماً، وجَمْعُها الخمَائِصُ. {خمط} (س) في حديث رِفاعة بن رافع <قال: الْمَاءُ من الْمَاء، فَتَخَمَّط عمر> أي غَضِب. {خمل} (س) فيه <أنه جهَّز فاطمة رضي اللّه عنها في خَمِيل وقِرْبَة و َوِساَدة أدَمٍ> الخَمِيل والخَمِيلة: القَطيفَة، وهي كل ثَوْب له خَمْل من أيّ شيء كان. وقِيل: الخَميلُ الأسْوَد من الثِّيَاب. ومنه حديث أم سلمة رضي اللّه عنها <إنه أدْخَلَني معه في الخمِيلَة> (س) وحديث فَضَالة <أنه مَرَّ ومعه جارية له على خَمْلة بَيْن أشجار فأصاب منها> أراد بالخَمْلَة الثَّوب الذي له خَمْل. وقيل الصَّحيح على خَمِيلة، وهي الأرض السَّهْلة اللَّيِّنة. [ه] وفيه <اذْكُروا اللّه ذكرا خَاملا> أي مُنْخَفِضاً تَوقِيرا لجلاَلِه. يُقَال خَمل صَوْتَه إذا وَضَعه وأخْفاه ولم يَرْفَعه. {خمم} (ه) فيه <سُئل أيُّ النَّاس أفضل؟ فقال: الصَّادق اللّساَن، المَخْمُوم القلْب> وفي رِواية <ذُو القَلْب المَخْمُوم، واللِّسَانِ الصَّادِق> جاء تفسيره في الحديث أنَّه النَّقِيُّ الذي لا غِلَّ فيه ولا حَسد، وهُو من خَمَمْتُ البَيْت إذا كنَسْتَه. (س) ومنه قول مالك <وعلى المُسَاقي خَمُّ العَيْن> أي كَنْسُها وتَنْظِيفُها. (س) وفي حديث معاوية <من أحَبَّ أنْ يَسْتَخِمّ له الرجالُ قِياما> قال الطَّحاوي: هو بالخاء المعجمة، يريد أن تَتَغيَّر رَوَائِحهم من طولِ قيامِهم عنده. يُقال: خَمَّ الشّيءُ وأخَمَّ إذا تَغَيَّرتْ رائِحتُه. ويُروى بالجيم. وقد تَقَدَّم. [ه] وفيه ذكر <غدِير خُمٍّ> موضِعٌ بين مكة والمدينة تصبُّ فيه عينٌ هُنَاك، وبينهما مسجد للنبي صلى اللّه عليه وسلم. {خما}*فيه ذكر <خُمَّى> بضم الخاء وتشديد الميم المفتوحة، وهي بئرٌ قديمة كانت بمكة.
|